قال الله -تعالى-: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) . ويقول -سبحانه-: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) ويقول -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) . وأولو الأمر -كما يقول أهل العلم-: هم العلماء، وقال بعض المفسرين: أولو الأمر: الأمراء والعلماء.
ويقول الله عز وجل: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) .
ويقول -تعالى-: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) .
وروى البخاري ومسلم عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " قال ابن المنير -كما يذكر ابن حجر-: "من لم يفقهه الله في الدين فلم يرد به خيرا".
وروى أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: " فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة البدر، العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، إنما ورثوا العلم، فمن أخذ به، فقد أخذ بحظ وافر ".
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة - كما يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله-: "أنهم يدينون الله باحترام العلماء الهداة"، أي أن أهل السنة والجماعة، يتقربون إلى الله -تعالى- بتوقير العلماء، وتعظيم حرمتهم.
قال الحسن: "كانوا يقولون: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".
وقال الأوزاعي: "الناس عندنا أهل العلم، ومن سواهم فلا شيء".
وقال سفيان الثوري: "لو أن فقيها على رأس جبل، لكان هو الجماعة".
وحول هذه المعاني يقول الشاعر:
النـاس مـن جهـة التمثـال أكفـاء أبـــوهم آدم والأم حــــــواء
فـإن يكـن لهـم فـي أصلهـم نسب يفــاخرون بــه فـالطين والمـــاء
مـا الفضـل إلا لأهـل العلـم إنهـم عـلى الهـدى لمـن اسـتهدى أدلــاء
وقـدر كـل امـرئ مـا كـان يحسنه والجــاهلون لأهـل العلـم أعــداء
من هذه النصوص الكريمة، ثم من هذه الأقوال المحفوظة تتبين لنا المكانة العظيمة، والدرجة العالية التي يتمتع بها علماء الأمة؛ ومن هنا وجب أن يوفيهم الناس حقهم من التعظيم والتقدير، والإجلال وحفظ الحرمات، قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) ويقول -جل وعلا-: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) والشعيرة -كما قال العلماء-: كل ما أذن الله وأشعر بفضله وتعظيمه، والعلماء -بلا ريب- يدخلون دخولا أوليا فيما أذن الله وأشعر بفضله وتعظيمه، بدلالة النصوص الكريمة السالفة الإيراد.
إذن، فالنيل من العلماء وإيذاؤهم يعد إعراضا أو تقصيرا في تعظيم شعيرة من شعائر الله، وما أبلغ قول بعض العلماء: "أعراض العلماء على حفرة من حفر جهنم"
وإن مما يدل على خطورة إيذاء مصابيح الأمة (العلماء)، ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " قال الله -عز وجل في الحديث القدسي-: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب " .
أخي القارئ الكريم: كلنا يدرك أن من أكل الربا فقد آذنه الله بالحرب، إن لم ينته ويتب عن ذلك الجرم العظيم، كلنا يدرك هذا، ولكن هل نحن ندرك -أيضا- أن من آذى أولياء الله فقد حارب الله -جل وعلا- كما تبين من الحديث السابق؟ هل نحن نستحضر هذا الوعيد الشديد، عندما نهم بالحديث في عالم من العلماء؟
روى الخطيب البغدادي عن أبي حنيفة والشافعي -رحمهما الله- أنهما قالا: "إن لم يكن الفقهاء أولياء الله، فليس لله ولي". قال الشافعي: "الفقهاء العاملون": أي أن المراد: هم العلماء العاملون.
وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: " من آذى فقيها فقد آذى رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن آذى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد آذى الله جل و على " .
لعل في هذه النصوص تبيينا لفضل العلماء، وتذكيرا ببعض ما يجب لهم علينا من الحقوق.